اسجد واقترب

اسجد واقترب


من علامات محبة الرب لعبده أن يشعره بالحاجة اليه ، وأن يقطع عنه الأمل فيما سواه .. وأن يلف...ته الى رحمته فيدعوه فيستجيب فتتم له الحظوة وتنمو فى قلبه تلك الصلة الحميمة التى تبدأ فى الدنيا فلا تنتهى الا فى الجنه

ولم تكن ولادة محمد عليه الصلاة والسلام يتيما مصادفة ، بل تدبيرا ، فالله أراد أن يقطعه عن الأرض ويصله بالسماء من أول لحظة .. فلا أب ولا أم وإنما كفيل من أهل بيته وليس من دينه ثم كل عشيرته ينقلبون عليه الا صحبة قليلة ذليلة فلا يجد ملجأ إلا باب السماء يسجد أمامه ويتوسل ، وتلك علامة من علامات أهل القرب يقول لى صاحبى .. ما بال كل أقوياء الدنيا قد ناصروا إسرائيل علينا .. حتى نحن إنقلبنا على بعضنا بعضا حتى أوشكنا أن نصبح اذلاء هذا الزمان

فأقول له .. بل هى بشرى .. فقد انقطعت صلتنا بالسماء وطالت بيننا وبين الله الجفوة فأراد الله برحمته أن يلفتنا اليه ويشعرنا بالحاجة اليه كما يفعل مع اهله وخاصته

اليس هو القائل فى القرآن ” ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى …”
(8- النجم) (وذلك غاية القرب)

والقائل لنبية

“واسجد واقترب” .. (العلق –19)

وقد تكاثر عليه الأعداء وجمعوا جمعهم وتحالفوا عليه فاراد أن يمد له بحبل المودة

يقول صاحبى .. أهو تصوف ..؟!!

فاقول .. بل هو صميم الدين ولب الإسلام وجوهر العقيدة .. اصدقت القائلين بأن الدين عندنا لحية وجلباب ونقاب .. بل هو تلك السجدة .. فاسجدها وأقترب .. وأبك على خطيئتك .. فالدين يبدأ من هنا ..

الدين تقوى .. وصدق .. ومعرفة بأن الله وحده هو الحل

- والأسباب

- هو وحده الذى سوف يمدك بها وليس الأمريكان

- والعلم

- اتقوا الله ويعلمكم الله

- والكتب

- سيدلك على أحسنها

- والسلاح

- ان أراد لك القتال سيوفره لك وان أراد العافية نصرك بوسائلة

- هذا والله الطريق السهل

- بل هو الطريق الشاق والمرتقى الصعب

- كيف ؟

- لأن عمادة الإخلاص والصدق والتجرد لله .. وكلها معادن نادرة تحتاج الى الحفر الدؤوب والعميق لإستخراجها من منجم الذات .. هل تظن نفسك صادقا .. ؟

فسكت طويلا ثم قال

- ليس دائما

- أرايت .. فذلك هو المرتقى الصعب ..

- فكيف انتصروا هم وكيف يقودون العالم وهم لا حظوظ لهم فى تلك الفضائل

- ومن قال لك إنهم انتصروا .. ومن قال لك إنهم يقودون العالم الى خير

- لقد وصلوا الى الفضاء ومشوا على الكواكب وزرعوا قلوب الموتى فى الاحياء وحطموا الذرة وسخروا الالكترون وهندسوا الوراثة

- لقد حطموا الذرة على رؤوسنا وتولوا الكون وأفسدوا البيئة ونشروا الأمراض وأثاروا الفتن واججوا العدوات وزاد الفقراء بهم فقرا والاغنياء غنى

- وماذا فعلنا نحن

- نحن نسير على دربهم ونفعل مثلهم ونتخذهم مثالا فلا نبلغ مستواهم ونخسر أنفسنا فلا نصل الى شىء .. فلا أصبحنا مثلهم ولا أصبحنا مثلنا

- هل هو تشاؤم

- بل هى بداية الصحوة وبداية النجاة

- كيف ..؟

- نسجد معا ونقترب

- أعرف كيف أسجد .. فكيف أقترب ؟

- وكيف تقترب من الرؤوف الرحيم الودود الحليم الكريم إلا ان تتخذه مثالا وتتخذ من نبية أسوة

- ذلك جهاد ليس له منتهى

- الاسلام كله جهاد ” جهاد ” للنفس وجهاد للدنيا وجهاد للآخرين وجهاد لبلوغ المعرفة .. إن الفوز بالجنة الأبدية لابد أن يكون أشق بكثير من الفوز بسهرة باريسية

- ولكنى لم اجرب بعد السهرة الباريسية

- لو جربتها سوف تفكر بعدها فى سهرة اخرى واخرى ، وفى كل مرة تفقد بعضا من نفسك ثم تنسى فى النهاية ماذا كنت تريد بنفسك وتصبح اسير عادة تسير بك فى حلقة مفرغة حتى تنتهى بك الى اللاشىء؟

- وهل بعد القبر شىء

- بعده كل شىء ، والمعنى وراء كل شىء .. وجلاء كل شىء

- متأكد .. ؟؟؟

- أكثر من يقينى برؤيتك وأكثر من يقينى بنفسى

- وكيف أبلغ هذا اليقين ؟

- تسجد معى وتقترب