طائر الكاكابو من الطيور التي حيّرت العلماء.. فنمط حياة هذا الطائر العجيب أثار تساؤلاتهم طويلا..
يعيش هذا الطائر ظريف الشكل في نيوزيلندا.. وهو من فصيلة الببغاء لكنه أكبرها حجما ولا يطير.. رغم أنه يعيش في بيئة مليئة بالأعداء الطبيعيين..
ولا يجيد الجري بسرعة كي يهرب من أي مهاجم.. لكنه يجلس في مكانه آملا أن يخفيه لونه الأخضر وسط الأشجار, إلا أن رائحته (تشبه رائحة القش) واضحة جدا ومن السهل أن تجذب الحيوانات المفترسة..
يتزاوج في أماكن مفتوحة مرئية.. ثم يضع عددا قليلا من البيض, تتركه الأم لمدة 3 شهور وحيدا بدون أي حماية من أي نوع..كيف يقضي هذا الكائن حياته؟لا شيء.. يظل يتسكع في الغابة, يأكل الحشائش ويشرب وينام.. إلى أن يأتي موسم التزاوج..
نمط الحياة هذا الطائر كان مناسبا قبل القرن العشرين.. ففي هذا الوقت لم يكن في نيوزيلندا كائنات ثديية إلا الخفافيش.. والتي لا تشكل تهديدا لهذا الطائر اللطيف..
أما اليوم.. ففي نيوزيلندا الفئران والقطط والكلاب وبالطبع الصيادين من البشر.. اليوم أصبح هذا الطائر مهددا بشدة.. وعلى الرغم من هذا يصر على نمط حياته القديم الذي اعتاد عليه لآلاف السنين..
علماء البيولوجيا التطورية يؤكدون أن قانون الطبيعة الخالد هو التطور والتكيف.
لو لم يستطع الكائن أن يطوّر من نمط حياته ووسائله الدفاعية كي يتلاءم مع البيئة الجديدة, فلن يستطيع الحياة وسينقرض كما انقرض الديناصور والفيل القطبي والدودو..
و.. الكاكابو.. نعم.. ألم أقل لك أن هذا الكاكابو اللطيف, كائن نراه ينقرض أمام أعيننا اليوم؟
فلحظة كتابة هذه السطور لم يعد من الكاكابو في العالم كله إلا 80 طائرا فقط.
قبل أن تضرب كفا بكف, وتتعجب من هذا الكائن الذي لم يستطع التكيف مع العالم الجديد.. اسأل نفسك:
ألا ترى تشابها بيننا وبين هذا الكائن العجيب؟ فنحن نعيش في مجد حضارة الماضي.. ونحاول تكرار ما كنا نفعله في الماضي.. وكأن منتهى أملنا أن يعود الزمن إلى الوراء.. في عالم ينطلق كالصاروخ نحو المستقبل..
في بيئة أصبحت مليئة بالتنافس.. أمريكان صعدوا للفضاء.. وهنود أصبحوا خبراء في البرمجيات.. وأوروبيون عرفوا الوحدة الاقتصادية.. وصينيون يملأون أسواقنا بكل شيء..
هل نطور من أنفسنا وننظر إلى الأمام؟أم نفكر كالكاكابو.. الذي لم يتطور, بل ظل يتمنى أن يتغير العالم كله من حوله, كي يناسب نمط حياته هو.
فهل نفكر اليوم مثل الكاكابو؟